Friday, June 17, 2011

الدولة الأيرانية, وأركولوجية الآخر

ايران: دولة اقليمية حقيقية... الى أين؟!

مرئيات سياسية جديدة*

 كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

تتحدث المعلومات, أنّ الساحة السياسية الأيرانية, تشهد هذا الأوان الأيراني, سلسلة من تطورات الأحداث والوقائع الدراماتيكية, وعلى مختلف مقتضيات الأصعدة, كل ذلك بفعل وتفاعل, تلازمات تأثيرات العديد من العوامل الداخلية والخارجية, خاصةً وأنّ فعاليات المعارضة السياسية الأيرانية, تتزايد أكثر فأكثر, عبر دفع الأقليات الأيرانية, لجهة القيام بالمزيد من التحركات الجديدة, حركات التمرد
البالوشيستاني في المنطقة الجنوبية الشرقية, حركات تمرد عربستان في المنطقة الجنوبية الغربية, حركات التمرد الأذربيجانية في المنطقة الشمالية, حركات التمرد الكردية في المنطقة الشمالية الغربية, كل ذلك أيضاً بفعل شبكات المخابرات والأستخبارات الأنجلوسكسونية, بالتعاون مع شبكات المخابرات الأسرائيلية, ومجتمع المخابرات الفرنسي – الكندي, وبتعاونات هنا وهناك, مع بعض شبكات مخابرات, دول الجوار الأيراني الأقليمي.فما هي حقيقة الوضع الأيراني؟ وما هي مصداقية طهران, في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية؟ وما هي الأفاق المستقبلية المتاحة, أمام المشروع الأيراني, على المستويين الأقليمي والدولي؟... قبل عامين تقريباً من الآن, مروراً بمفاعيل وتفاعلات التطورات الأقليمية والدولية, شهدت الساحة السياسية الأيرانية الداخلية اشتباكاً, كيفما حسبته وأخضعته للتحليل, يبقى ايجابياً بعمق, لجهة تجذير وتكريس الديمقراطية بنسختها الأيرانية, اشتباكاً بين تيار المحافظين, الذي يراهن على خط الثورة الأسلامية, وتيّار الأصلاحيين, الذي يراهن على العمل السياسي البراغماتي, مع الأوضاع الداخلية والأقليمية والدولية, وعمّق هذا الأشتباك الأيراني – الأيراني - الأيجابي, مجيىء العملية السياسية الأنتخابية الرئاسية الأخيرة, والتي مضت بفوز الرئيس نجاد على منافسيه في وقته, وبعيداً عن شبهات التزوير, التي روّجت لها آلة الأعلام الغربي الأوروبي والأمريكي, عبر عمليات البوبوغندا السوداء الأفقيه والرأسيه, والتي كانت فرصة لوسائل الميديا العالمية, في تضخيم وتفخيم هذا الأشتباك – التنافسي – الأيجابي, وتصويره للرأي العام الأممي على أنّه صراع, وهو غير ذلك في حقيقته, لأسباب تعلمها العامة قبل الخاصة, في أطر بنى النسق الدولي المعاصر.  ومما لاشك فيه, أنّ العملية السياسية الأيرانية الأخيرة, ذات المشاركات الشعبوية الواسعة, آثارت حماسات غير عادية, أعجبت خصوم طهران الأقليميين والدوليين, قبل أن تعجب أصدقائها وحلفائها, في مجالاتها الحيوية, وجعلت الطبقة الوسطى الأيرانية, ذات الآفاق السياسية الحقيقية, أن تعبّر عن نفسها بنفسها, حيث يتم الرهان عليها وبها, على مستوى القوام الأيراني الداخلي, في احداث الأنجازات والتغيرات المختلفة, داخل مؤسسات الدولة الأيرانية الناهضة علمياً, لتعبر عن ذاتها في اطار النسقين, الأقليمي والدولي معاً, بحيث قالت هذه الطبقة, التي تمثل غالبية الشعب الأيراني, المتعدد القوميات, كلمتها النهائية والمتمثلة, في أنّها لا تريد الشيء ذاته, الذي كان يقوم به نجاد وحكومته, وانما تريد المزيد - النوعي والكمي- منه, وهي كانت استفتاء شعبوي كبير, على برامجه الأقتصادية والأجتماعية, والصناعية والسياسية, ان لجهة الداخل الأيراني, وان لجهة الخارج الأيراني!. ولنحفّز العقل بهذا التساؤل: هل ايران دولة ثيوقراطية, بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى 100 %؟ أم هي مزيج من هذا وذاك؟!. ايران في ظاهرها دولة ثيوقراطية, لكن في حقيقتها وبنيتها السياسية, هي دولة تمزج بين الثيوقراطي والعلماني, فقد تجسّدت الثورة على شكل دولة, هي الجمهورية الأسلامية الأيرانية, وتجري فيها انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية, وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها, واستطاع قادة وكوادر الثورة, أن يجعلوا من الثورة, دولة تتعاطى مع معطيات العالم الحديث والمتمدن, وجعلوا العلماني في خدمة الديني, لجهة قبول الأخير والتعاطي معه, من الدول العلمانيه في النسق الأقليمي والنسق الدولي. وعودةً سريعة عابرة, لغايات الفهم بالربط والأمعان, في الحدث الأيراني – العملية السياسية الأنتخابية قبل عامين, وتداعياتها الحالية, فقد انتصر المحافظون بأغلبية كبيرة للغاية, تغير بموجبها توازن القوى الداخلي الأيراني, بقدر كبير لصالح المحافظين, ولم يكن توازن القوى هذه المرّة متقارباً بين المحافظين والأصلاحيين, كما كان في السابق, حيث حصل نجاد على 25 مليون صوت بنسبة 62 %, ومرشح الأصلاحيين مير حسين موسوي على 13 مليون صوت بنسبة 33 % من اجمالي عدد الأصوات, في تلك العملية السياسية الأنتخابية, فأين سخونة المواجهة والصراع في الأنتخابات, كما صوّرتها وسائل الميديا العالمية, بفعل كواليس غرف البروبوغندا السوداء ؟! .  أداء حكومة الرئيس نجاد, حصد موافقة تأييد غالبية, الرأي العام الأيراني في العملية السياسية الأنتخابية, وبالنتيجة الآنفة تلك: معلومة, بحيث كشفت  آخر انتخابات رئاسية, عن هشاشة موقف الأصلاحيين في مواجهة المحافظين, كما كشفت عن دور اقليمي ودولي موجّه, تمثل في التضخيم الأعلامي في تصوير المعركة السياسية الأنتخابية, بأنّها تعكس صراعاً قويّاً مصيرياً, بين تيار محافظ متصاعد, وتيار اصلاحي تآكل, على مستوى القوام السياسي الداخلي والخارجي الأيراني, تيار محافظ يسعى الى تعزيز القدرات الأيرانية, دون تقديم تنازلات للأطراف الخارجية, الأقليمية والدولية, وتيار اصلاحي يسعى الى تعزيز القدرات الأيرانية, عن طريق البراجماتية, بل والأركولوجية بطبعتها الأيرانية, وتبادل التنازلات مع الأطراف الأقليمية والدولية. المحافظون الأيرانيون, راهنوا ويراهنون, على المدرسة العسكرية – السياسية, بعبارة أخرى اعتمدوا ويعتمدوا, على مفهوم أولوية الأمن القومي, من أجل ردع الخطر الخارجي, بينما نجد أنّ الأصلاحيين, راهنوا ويراهنون, على مفهوم ضرورة أولوية التنمية الأقتصادية – السياسية – الأجتماعية – الثقافية – الفكرية, لردع خطر التفكك الداخلي.وايران ما بعد المشهد الأنتخابي الرئاسي الأخير,  الصاخب وبعد عامين متتاليين, لجهة الداخل الطهراني, تعمد هذا الأوان الى تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية, مع تعاظم قوّة حرس الثورة, على القوام المؤسساتي الأيراني, وفي ذات السياق والنسق, تزايد الضغوط الأقتصادية الداخلية, والمواجهات مع الأقليات والحركات المنشقة, وتراجع في برامج الرفاهية الأقتصادية والأجتماعية .* أمّا على المستوى الأقليمي الساخن, اذ تسعى ايران الى تعزيز الروابط مع حلفائها الأقليميين, سوريا, قطر, حزب الله, حماس, حركة الجهاد الأسلامي, تركيا, مع اعادة ترسيم ايجابي لعلاقاتها, مع بعض دول الخليج, رغم رفض الأخيرة لذلك, كذلك اذ تنهج ايران نهجاً آخر مختلف هذه المرّة, مع من يختلف معها في رؤيتها للمنطقة, من أطراف اقليمية عربية وغير عربية, كما تسعى الى تعاظم وتعزيز روابطها المختلفة, مع دول أسيا الوسطى, الحديقة الخلفية للأتحاد السوفياتي السابق, مقابل ذلك سوف تتزايد حركة الأستقطاب الأقليمي, مع سعي دؤوب وحثيث للحركات المنشقة الأيرانية- المدعومة أمريكياً, الى استخدام مناطق في دول الجوار الأيراني, لجهة القيام بالعمليات العسكرية ضد النظام الأيراني, كما تسعى دولة الكيان الصهيوني – العبري, الى المزيد في استهداف طهران, وعملها الدؤوب لتشكيل تحالف دولي ضدها, وقد كان هذا واضحاً, بعد حراكات ربيع الشارع العربي, أو صيفه, أو خريفه, أوشتائه القادم, والأختلاف في التخمينات والتقدييرات المخابراتية – الأستخبارية, بين رئيس الموساد الحالي تمير باردو, ورئيس الموساد السابق ما ئير داغان, ازاء ايران ودورها, ومجالاتها الحيوية, وملفها النووي بقضه وقضيضه, حيث الأخير - داغان صار يتحدث, بصفته كخبير استخباراتي, يتلقى أموالاً على كلامه, والذي يبثه كسموم, عبر وسائل الميديا المختلفة. ولجهة وكيفية التعامل مع الملف النووي الأيراني, سوف تزداد وتتفاقم الخلافات الأمريكية الأسرائيلية, والخلافات الأمريكية الأوروبية, والخلافات الأسرائيلية الأوروبية أيضاً, وهذا سيقود بلا شك الى ارتباك أمريكي, لجهة المفاضلة, بين خيار التعايش مع ايران نووية, أم خيار استهداف القدرات النووية الأيرانية, الذي قد يكون بعيداً, وكل المؤشرات وحسب ما أعتقد: ترشح الأول - خيار التعايش الأمريكي مع ايران نووية! بعد حراكات الشارع العربي.وفي سياق الوضع الدولي الحائر, وتحديداً الأمريكي, لجهة التعامل مع ايران, وبوّابتها العربية – قلب الشرق العربي سوريا, بعد مشهد الشارع العربي الأخير, سيكون للتوافقات الروسية الأوروبية, سمة امكانية التعايش أيضاً مع ايران نووية, مع تقاربات روسية صينية لجهة, القبول بايران نووية, وانضمام الأخيرة الى منظمة دول تعاون شنغهاي, وتمتعها بالعضوية الكاملة, لمواجهة النفوذ الأمريكي في أسيا الوسطى, و وضع قوات واشنطن والناتو, في العراق المحتل, وأفغانستان المحتلّة, مع احتمالية كبيرة لحدوث صفقة أمريكية روسية, كما تقول المعلومات والمعطيات الجارية, حول الملف النووي الأيراني, بحيث تكون موسكو الضامن الدولي المسؤول, أمام المجتمع الدولي, لجهة سلمية البرنامج النووي الأيراني, بسبب خصوصية العلاقات الروسية الأيرانية وتساوقاتها, ازاء معظم ملفات الشرق الأوسط . ومن جهة أخرى موازية لما ذكر آنفاً, سوف تزداد الخلافات داخل مجلس الأمن الدولي, باتجاه التعامل مع الملف النووي الأيراني, حيث ما سيحدث في سيناريو الملف النووي الكوري الشمالي, سيتم اسقاطه على الملف النووي الأيراني, مع سعي حثيث لدولة الكيان العبري – الصهيوني, على تفعيل التسويق لمفهوم الخطر الأيراني الشامل, للضغط على واشنطن لتعبئتها بمواجهة الخطر الأيراني, الذي جعله رئيس الوزراء العبري – الصهيوني, أهم التحديات التي تواجه دولته والعالم, في منطوق خطاباته وتصريحاته, وتفاهماته مع ايباكه, في العاصمة الأمريكية دي سي واشنطن.تفعيل بؤر النزاع – لأستهداف ايران لاحقاً:المنطقة الشرق أوسطية, مليئة ببؤر النزاعات المختلفة, في ساحاتها السياسية الضعيفة والقويّة على حد سواء, وذات التداعيات الأفقية والعامودية, على مجمل السياق الأمني- الجمعي للمنطقة, مع وجود روابط مفعّلة خفية تكمل وتغذي بعضها البعض, بين متغير بؤر هذه النزاعات في الساحات السياسية الأنف ذكرها, ومتغير السياق الأمني – الجمعي للشرق الأوسط ككل, عبر دور للعامل الكوني - الأميركي الأوروبي - المتقاطع في مصالحه مع دور "إسرائيلي" لا يمكن أن نعتبره إقليمي, لسبب بسيط فهي دولة ليست إقليمية – أي "اسرائيل".العامل الأميركي ومعه الإسرائيلي والأوروبي, وعبر حلقات ودوائر أمنية سياسية استخبارية, يفضي كل واحد منها إلى الآخر بآليات تنفيذ, يلعب دوراً نوعيّاً وكميّاً في تأجيج وتوجيه الصراع بمجمله في الشرق الأوسط, وهذا من شأنه أن يقود إلى تغذية بؤر الصراعات الجزئية في الساحات السياسية المختلفة, وبذات السياق والمسار يقوم هذا العامل الأممي, بتصعيد توترات هذه البؤر الصراعية الجزئية, ودفعها بمفاعيلها باتجاه التصعيد وتوتير الوضع الكلي للشرق الأوسط, عبر علاقة هندسية تبادلية في النتائج والأهداف بين المتغيرين السابقين. العامل الكوني, الأميركي والإسرائيلي تحديداً, يسعى إلى استخدام وتوظيف ملفات بؤر الصراع الجزئي في الساحات السياسية, لجهة إدارة دواليب مفاعيل الأزمة في الشرق الأوسط, ويستخدم الأزمات كأسلوب إدارة للصراع فيه وعليه, ويدفع باتجاه التصعيد والتوتر عندما تقتضي المصالح بذلك, وإرسال الرسائل في كافة الاتجاهات, وفي نفس الوقت يسعى ذات العامل السابق إلى التنفيس والتهدئة, عندما يكون التصعيد والتوتر في غير مصالحهما التكتيكية والإستراتيجية. وتقول المعلومات الأستخباراتية, المرصودة من قبل مجاميع مخابراتية اقليمية, بأنّ هناك مشروع إسرائيلي – أميركي, لنشر وبناء قدرات نووية, لموازنة القدرات النووية الإيرانية, سيتم بناء بعضها ونشر الآخر في دول خليجية عربية, وذلك بموجب اتفاقيات أمنية خاصة, فماذا يعني ذلك؟!.أعتقد أنّه يتموضع ويتبلور, متمحوراً بالمعنى الإستراتيجي التالي: فكرة التعايش مع إيران النووية, صارت مقبولة لدى الأسرائليين الى حد ما, وصار العقل الاستراتيجي الأمني الإسرائيلي, أكثر اهتماماً وتوظيفاً وتوليفاً, لفكرة مفهوم إيران النووية, ليحقق مزيد من المكاسب المختلفة, ومزيد من فتح نوافذ الفرص المهدورة في السابق من الزاوية العبرية, وفي مقدمتها تعظيم المنافع لجهة التقدم في مشروع التطبيع الإسرائيلي مع دول الخليج – العربية منها, مع تقليل المخاطر المختلفة على إسرائيل نفسها, وذلك عبر الضغط من أجل إعادة  تنميط  العلاقات والروابط, من أجل فصمها أو التقليل من حرارتها بين أطراف مربع, سوريا( والتي يتم العمل على اضعافها الآن, عبر مثلث:- واشنطن – لندن – باريس, وبأدوات اعلامية عربية, مثل: قناة الجزيرة, وقناة العربية وقناة الحرّة, وبعض المستكتبين العرب), حزب الله, المقاومة الفلسطينية, وإيران, والتي يصار أيضاً على اضعافها, عبر الحلقة السورية, من منظور العامل الأميركي – الإسرائيلي – الأوروبي, في متغير مجريات السياق الأمني الجمعي في الشرق الأوسط, وعبر توظيف واستغلال حراكاته الشعبية, ازاء منظومات أنظمة حكمه, حيث أصبحت بعض الأخيرة, تجري ديناميات مراجعات رأسيه وأفقية عميقة, والبعض الآخر منها, ما زال يلامس قشور البيض في عجلة الأصلاح, ولم يصل الى الجوهر( صفار البيض), والذي يمتاز بالسعرات الحرارية العالية, ولا يناسب كاتب هذه السطور, كونه يعاني من مرض السكر.وفي ظني وتقديري, أنّ استخدام الأزمات كأسلوب إدارة, في تفعيل أزمة حملة بناء سلّة الذرائع الجديدة, سوف يؤدي إلى تفعيل أزمة داخلية لبنانية حول أسلحة حزب الله اللبناني والمقاومة, وهذا من شأنه أن يقود إلى إعادة إنتاج إشعال الساحة السياسية اللبنانية, والساحات السياسية الضعيفة الأخرى, وكما من الممكن أن يؤدي كل ذلك, إلى قرارات دولية جديدة تستهدف قوى محور الممانعة في المنطقة, وخاصةً سوريا ولبنان وإيران وحماس وحزب الله والمقاومات الأخرى, التي من الممكن أن تنشأ لاحقاً في المنطقة, تبعاً لمجريات متغير العامل الدولي, ومتغير بؤر الصراعات الجزئية, في الساحات السياسية الضعيفة والقوية في المنطق

No comments:

Post a Comment